الأحد، 24 يوليو 2011

عفاف خلف . . .إلى غودو . .

.

رشفة من روح بنت جبل النار ( نابلس ) عفاف خلف .
(4) إلى غودو..
.


.
سعد يا سعد، أتيتُ كي أهزّك، أكتب زلزلتك، أوقظ جوعك إلى وطنٍ وليس خيمة، أرضٍ لا رقائقَ من منافٍ ترقق منك العظام. هم الذين يملكون سلخك ونفيك وذبحك، وخط عشرات المصائر التي تنتهي بموتك، وأنت لا تملك أمر نفسك، لا تملك في هذا العالم سوى ظل حلمٍ وقد أُجهض.

تنتظرُغودو يا سعد!!

أراكَ على مسرحه، تكرج الدنيا أمامك، ناطحات السحاب، البحار، الحسناوات، الثورات، الولاة، الطغاة، العبيد، النخاسين وسعر السوق، الأسود والأبيض تفر من بين أصابعك الحضارات.

مجهدٌ أنت يا سعد ومجهض.

بعد ست عقودٍ من تلف الماء، أتيتَ تخّض الماء

وما تساقط عليك سوى جمر المعاني وكل الكلام اشتعال فبأي سطرٍ أبدأُك!

غودو جحيم الفعل، فيما يعددن سريرك.

كم سريرٍ سيحيله غياب غودو إلى صليب

لن يكون زواجك كاثوليكياً يا سعد، ولا حتى بروتستينتياً ولا أرثوذكسياً، بل زواج امرأةٍ يقتسمها رجلان، لن تكون لك بكليتها، ولن تكون له، هو الشرخ الممتد في عظام سريرك، في عمق وعيك، على طول شرفك المثلوم الرجولة، الطعين الكبرياء، الطاعن في هزائمه، أيرضى حرٌ نصف جسدٍ، بنصف سرير!!

- لقد أسقطتِ تاريخاً طويلاً، كان غودو فيه...

- خلف المسرح، يراقب عبثية الانتظار بتشّفٍ خبيث

- لكن الحروب التي خضنا..

.

- تضيق بزتك العسكرية يا سعد، بلد المليون عقيد، ولم نحقق نصراً واحداً يُسطر لنا في الكتب
- الكرامة، الــ..
- نقيع الماء، كيف تُحسب الانتصارات العسكرية يا سعد، كيف تحسم خريطتك البلاد!، رايتك موطئ قدمك في سرير العرس!
- المؤامرات، الخيانــ...
- لم يأتِ غودو ببرهان الرب يا سعد، فلولك في كل العواصم والبلاد، سيأتيك الأخوة فرحين، يحلفون برأسك ورأس أبيك وعظام جدك : إن الخيرة كل الخيرة فيما اختاره الله – وكأن الله يرضى بالهزائم – إن عروسك بكرٌ، لم يطرقها إنسٌ ولا جان سوى جان موسى، وإن حق الليلة الأولى تتوارثه " السادات "، سيخبرونك عن رداء العرس، عن حفلٍ رائقٍ وشراب، وطنافس وأنهارٍ تجري من تحتها المساعدات، وسيبنون لك وطن الرمل على شفا جرفٍ هارٍ، وسيراودك السرير عن يديك وذراعيك ومساميراً تُدق في لحمك وفي لحم البلاد.
- ...

- انتظرْ يا سعد، أرى وميض برقٍ وقد يتنزل عليّ قبسٌ ولا أرى سوى العمى. لنجلس على قارعة الطريق قليلاً، نحن الجالسون

على قارعة الأمم، نشحذ وطناً او منفى، ماذا ترى يا سعد

- .....

- ماذا ترى يا سعد، قد ضاق بيّ العمى.

- ...

- هات يدك، أتوكأ على عظامك، شرخوك يا سعد، أوغل السيف فيك، وولغوا في دمك.

- كفى، اخرسي ، أستطيع أن أعّدد مناقبنا، مآثرنا، محطات كرامتنا...

- كراماتنا كما الأنبياء، نحن شعب الكرامات تبارك كل ما عليها،
ونحن فان، ويبقى وجه ربك ووجه أعدائك.

- كفى، قلتُ اخرسي

-

جحيم الجغرافيا، و " رقائق جليدك الهش" أسمعتَ عن هشاشة السياسة، وترقق المعاهدات والاتفاقيات! أسقطوا وطناً كاملاً يا سعد، وحق ليلتك الأولى وتركوا لك أوتاد السرير.
..

-

جميلة هي الأوتاد يا سعد، تُدق اوقات الأزمات خيمةً او خازوقاً لعرسٍ جديد، او لزاوجٍ جديد.
.


بقلم الأديبة والروائية الفلسطينية / عفاف خلف


.
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق